أخبرني الحقيقة!
هل قمت منذ بضعة أشهر بحفظ قائمة كبيرة من روابط الدورات التعليمية؟ التسجيل في بعضها؟ مشاركة الروابط على فيس بوك؟ وضعتها في المجموعة الخاصة بك، ضمن المنشورات المهمة التي تعتقد أنك في يومًا ما ستستفيد بمحتواها وستغير حياتك..
لدي لك أخبار سيئة وأخرى جيدة، الأخبار الجيدة أن بإمكان هذه الدورات التعليمية تغيير حياتك بالفعل، يمكنك من خلالها العثور على وظيفة أخرى غير الحالية، يمكنك من خلالها الحصول على منحة تعليمية والسفر للخارج، يمكنها حتى أن تجعلك خبيرًا بشيئًا ما.
الأخبار السيئة أنك لن تحقق ذلك عبر حفظ الروابط بمكان ما، سواء بملف نصي على حاسوبك، أو ببرنامج Pocket، أو بأي إضافة من إضافات Save for later.
لأن يا صديقي Later هذه .. هي داؤك، هي التي تصنع وهم الإنجاز بمجرد حفظ روابط الدورات التعليمية، أو مشاركتها مع الأصدقاء والإشارة لآخرين.
مع القوة العظيمة تأتي المسؤولية العظيمة أيضًا – بن باركر
لا شك أن الدورات التعليمية المجانية والمتاحة الآن في .. حسنًا كل مكان على الويب، كان هدفها هو تغيير التعليم والتأكد من أن يصل ذاك العلم إلى كل شخص في كل مكان، لكن مع الكمّ الهائل لهذا المحتوى التعليمي يظهر همٌ كبير .. كيف سأتعلم كل هذا؟ ما يؤدي ببساطة شديدة لحفظ الروابط بجوار الثقب الأسود المسمى (فيما بعد -later ).
لذلك تجد قلة قليلة من الأشخاص هي من تستفيد بالفعل من تلك الدورات .. كيف يفعلونها؟! دعني أخبرك أولًا عن نظرية بعلم النفس تدعى نظرية FOMO أو fearing of missing out، ومعناها الخوف من فقدان شيئ يستمتع به الآخرون. وهو ربما سبب من أسباب حفظك لتلك الروابط وتحميلك لتلك الأحجام الضخمة من الدورات التعليمية، حتى تلك التي لا تهتم بها.
القلة التي تستفيد من تلك الدورات لا تتعامل مع المصادر والأدوات التعليمية المتاحة أونلاين بمبدأ FOMO لأنهم يركزون على أنفسهم أكثر من أي أحد، تخيَّل أنك استثمار وأن رأس مالك المحدود جدًا هو وقتك .. ففيما ستنفقه؟ هل هو تجميع الروابط أم الأهم استذكارها ودراستها.
إذا أردت أن تستفيد من تلك الدورات التعليمية المتاحة بطريقة مُثلى، فليس لديك خيار آخر غير الطريقة التالية:
1- حدد هدفك من دراسة الدورات التعليمية
تحديد الهدف في أي شيء مهم جدًا، فهو يؤثر على مدى فهمك للمحتوى العلمي بشكل كبير، ويُعتبر الحافز الأساسي لتعلمك، حتى إذا كان هدفك هو مجرد الاستمتاع بالتعلم فقط، تذكر هذا الهدف جيدًا مع أنه ربما لن يحفزك لمدة طويلة .. خاصة مع الاختبارات الصعبة والتدريبات المصاحبة للمحتوى.
اجعل هدفك محددًا، هل تتعلم لتحصل على وظيفة، لتعمل بأخرى، لتسافر، لتحصل على درجة أكاديمية؟ كل هذا جيد، اختر أهم هدف تعتقد أنه يمكنك أن تضحي بأثمن ما تملك من أجله .. وقتك.
2- تعلَّم
حسنا الغرض من تلك الدورات المنشورة هي أن تتعلم، فلمَ لا تقوم بذلك، صدقني أنك عندما تقوم بمقابلة عمل فإن صاحب العمل لن يهتم بالـ 300 رابط الموجودين على صفحتك الشخصية، لن يهتم بالـ 2 تيرا من المحتوى التعليمي الموجود على جهازك، هو فقط سيهتم بما قمت بدراسته واستذكاره، بمشاريعك التي نفذتها وتجاربك التي نجحت وفشلت بها أيضًا.
ابدأ بنفض الغبار عن هذه الروابط والملفات واختر ولو دورة تدريبية واحدة، حدد أولوياتك حسب الهدف الذي حددته سابقًا، أي الدورات التي لو تعلمتها الآن فستغير حياتك للأبد؟ هل دورة البرمجة هذه؟ أم دورة كيف تستخدم لنكدإن في إيجاد فرصة عمل؟ .. أنت تعلم ما أعني، كلاهما مهم لكن ما وضعك الآن.
3- شارك الروابط،شارك العلِم
انس موضوع مشاركة الروابط قليلًا، الذي سيفيدك أكثر هو مشاركة ما تتعلمه، وأقصد هنا ما تتعلمه .. حرفيًا، الدائرة الكهربية التي قمت بعملها، إعلان فيس بوك الذي حقق نتائج جيدة معك، الخوارزمية التي فهمتها بشكل جيّد. كل هذا سيفيد من يقرأه أكثر إذا قمت بتلخيصه ونشره بمدونة أو على حساباتك الاجتماعية.
عملية التعلُم الجيدة تتميز بسمتين أساسيتين، الفهم Understanding، والتوثيقDocumentation، والسمتين مرتبطين ارتباط أكثر من وثيق، فكلما استطعت أن تشرح النتائج التي توصلت إليها في صورة تدوينة، عرض توضيحي ، يفهمه من يقرأه، دل ذلك على أنك فهمتها جيدًا. بل وتستطيع شرحه.
معظم مواقع المووك بها خاصية التعليق والمناقشة، استفد من تلك الخاصية في سؤال الآخرين عن الأمور الصعبة، لا تشاهد الفيديوهات فقط، اقرأ التعليقات والمناقشات فربما تجد حلول للمشاكل التي واجهتها مسبقًا. غُص في عملية التعلُم أكثر وأكثر مع نُظراءك.
إنها ثلاث خطوات بسيطة، لكن قلَّ من يفعلها .. نأتي لبعض النصائح العامة الخاصة بمنصات المووك الأشهر..
- إذا كنت جديدًا بالدراسة عبر الإنترنت والدراسة الذاتية فابدأ بقراءة المقالات التخصصية، شيئا فشيئًا، ثم أنجز بعض الدورات التي لا تستغرق ساعة أو ساعتين على Udemy، فهو أشبه بمنصة لمشاركة الخبرات، يوجد به مواد تعليمية جيدة وأخرى لمجرد تحقيق الأرباح، فاختر بحكمة.
- إذا كنت تبحث عن وظيفة فموقع Udacity يقدم لك دورات متخصصة ومن روّاد الصناعة الرقمية (جوجل – فيس بوك – IBM …)، كما توجد الدبلومات المصغرة .. صحيح أنها مدفوعة لكن المواد كلها متاحة مجانًا، بإمكانك اختيار المهنة التي تريد وإنهاء دوراتها دون أن تدفع مليمًا واحدًا.
- إذا كنت تبحث عن تعليم أكاديمي من أرقى جامعات العالم فموقعيCoursera و edX هما الأشهر، وتعتبر منصة إدراك النسخة العربية من edx، فبها مساقات تعليمية مترجمة بالعربية (سنأتي لمشكلة اللغة لاحقًا)، وأخرى خاصة بالمنصة نفسها.
- إذا كنت تبحث عن دورات تعليمية بالعربية فيوتيوب قد يتكفل بالأمر، أو يمكنك متابعة مدونة صعيدي جيكس ووسم #ملكش_حجة. كذلك لا تنس منصة رواق العربية فبها محتوى اكثر من رائع.
- إذا قابلتك منشورات الروابط الكثيرة خلال فترة تعلمك لدورة أو اثنتين فلا تُعر تلك الروابط انتباهًا الآن .. القاعدة البسيطة التي أتبعها (إذا ألحَّ شيئًا ضروريًا لتتعلمه ستجد نفسك تبحث عنه تلقائيًا).
الخلاصة
اُبتكرت ثقافة المووك لتجعل حياتنا أفضل .. حتى أتى شخص ونشر 300 رابط في منشور واحد ، لكن دعنا لا نلومه فهو يريد نشر الخير، المشكلة فيمن يتعامل مع هذه الروابط كما يتعامل مع الطوابع البريدية، فقط حدد هدفك، تعلم بتركيز، شارك ما تتعلمه، هذا ما سيغير حياتك .. جرِّبها.